كيف تحتسب قيمة متعة المطلقة بحسب القانون”فى الحقيقة صدر حكم بإلزامي بأن أؤدى لمطلقتي مبلغاً وقدره (7200 جنيه)، كمتعة لها، وذلك رغم أننى معسر فلدى ابن من مطلقتي وعقب الطلاق تزوجت من أمرأة أخرى، وأنجبت ابنتين، وبالتالى فأنا ملزم بسداد نفقة صغير شهرية محكوم بها لمطلقتي الحاضنة لصغيري، كما أننى أعول زوجة أخرى وابنتين وألتزم بالإنفاق عليهم”.. هكذا بدأ “أحمد.ع”، موظف، 29 سنة، سرد مأساته لـ”برلمانى” مع مطلقته فى محاولة لإيجاد الحل القانوني المناسب للخروج من المأزق.
وتابع: “كما صدر حكم سابق بحبسى شهر لعدم تنفيذ حكم نفقة صغير حيث قامت مطلقتى برفع دعوى حبس ضدى وحصلت على حكم بحبسى شهر وتم التنفيذ فى حين أننى معسر حيث إن راتبى (1200 جنيه)، فكيف لى أن أقوم بسداد (7200 جنيه)، كمتعة لمطلقتى رغم عدم قدرتى المادية وإعساري الشديد فماذا أفعل قانونا؟
للرجال فقط.. تعمل إيه لو مقدرتش تنفذ حكم المتعة؟
للإجابة على تلك الإشكالية، يقول القانونيون المتخصصون فى الشأن الأسرى، أنه بشىء من التبسيط، المتعة فى الحقيقة هى أداء مالي من المطلق للمطلقة، وهو بمثابة تعويض لها على واقعة الطلاق أو التطليق كما أنها شرعت لجبر خاطر المطلقة، فالمتعة هي: اسم لمال يدفعه الرجل لمطلقته التي فارقها، بسبب إيحاشه إياها بفرقة لا يد لها فيها غالبا، قال تعالى: “وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ” {البقرة:241}- وقال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا” -{ الأحزاب:28}.
وبحسب “رضا” في تصريح لـ”برلماني”: ويرجع في تقديرها إلى أحوال الزوج المالية مع مراعاة العرف، أما حال الزوج فلقوله سبحانه: “وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ” – { البقرة:263} – وأما اعتبار العرف فلأن الله سبحانه يقول: “وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ” – { البقرة:241} – ومن الممكن أن يتم التراضي على المتعة بين الطرفين، فإن حدث خلاف ومشاحة فليرفعا الأمر إلى القاضي ليفصل فيه، وقد اختلف الفقهاء فيمن يستحقها، والذي يترجح من أقوالهم أنها تجب لكل مطلقة سواء كان الطلاق قبل الدخول أم بعده.
السند الشرعي للمتعة
والسند الشرعى فى المتعة – وفقا لـ”رضا” – هي الآية الكريمة في قوله تعالى “ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره”، والسند القانونى للمتعة هو نص المادة 18 مكرر من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 التى جاء فيها: “الزوجة المدخول بها فى زواج صحيح إذا طلقها زوجها دون رضاها ولا بسبب من قبلها تستحق فوق نفقة عدتها متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل وبمراعاة حال المطلق يسراً وعسراً وظروف الطلاق ومدة الزوجية، ويجوز أن يرخص للمطلق فى سداد هذه المتعة على أقساط”، ومن فحوى النص آنف البيان يستخلص الآتي:
متى تستحق المطلقة المتعة؟
-إذا كان الطلاق ليس بسبب من قبل المطلقة ولا برضاء منها فإنها تستحق المتعة، أما إذا كان الطلاق على الإبراء أى أن المطلقة خالعت زوجها مثلا بأن تنازلت عن كافة حقوقها الشرعية مقابل الطلاق على الإبراء فالأصل أنها لا تستحق المتعة قانونا.
كيفية تقدير قيمة المتعة
وعن كيفية تقدير قيمة المتعة – يؤكد “رضا” الأصل أن المتعة تخضع فى تقدير قيمتها للسلطة التقديرية للقاضى إلا أن هناك عوامل تراعى عند تحديد هذا التقدير لقيمة مبلغ المتعة ألا وهو:
أولاً: مدى سعة ويسار المطلق والأمر في ذلك سنده ومرجعه إلى الأية الكريمة: “ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره”، كما تدخل أيضاً فى عوامل التقدير ظروف كل حالة طلاق على حدة ومدى الأضرار التي لحقت الزوجة من جراء الطلاق.
نص المادة 18 مكرر
وكذا يدخل فى هذا التحديد مدة الزواج أما عن الفقرة التى وردت بالمادة 18 مكرر سالفة البيان الخاصة بالمتعة التى جاء فيها “تستحق فوق نفقة عدتها متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل”، فالمقصود بها أن الحد الأدنى للمتعة يشترط ألا يقل عمٌا يعادل قيمة 24 شهراً من نفقة الزوجية، ولكن من الممكن أن تزيد المتعة عن ذلك.
تقدير قيمة نفقة الزوجية قبل قيمة متعة المطلقة
وبتبسيط أكثر لما سلف ذكره، فالقاضى حين يقدر المتعة للمطلقة يتعين عليه أن يحدد أولاً قيمة نفقة الزوجية لها والتى على أساسها تحتسب قيمة متعة المطلقة، فإذا كان قد سبق وصدر حكم لها بنفقة زوجية – أو بنفقة عدة التى تأخذ حكم نفقة الزوجية – فالقاضي هنا ملزم باحتساب قيمة المتعة على أساس المبلغ الذى قضى به كنفقة زوجية مضروب فى مدة السنتين – أى 24 شهرا – إذا قدر للمطلقة متعة سنتين وهو الحد الأدنى الوارد بالنص.
حل للحالة المعروضة
مثال ذلك: للتبسيط بالنسبة لهذه الحالة التي فرض فيها للمطلقة مبلغ “7200 جنيه متعة “، يتبين أنه قد سبق وأن قضى لهذه المرأة بنفقة زوجية فى حكم سابق قدرته المحكمة بمبلغ ” 300 جنيه ” شهريا على سبيل المثال، فالقاضي الذى ينظر دعوى المتعة يحتسب الـ300 جنيه وهى قيمة مفروض النفقة الزوجية الشهرية التى حكم بها للمرأة مضروب فى 24 شهرا.
مثلا: إذا رأت المحكمة بإنزال سلطتها التقديرية أن تفرض للمطلقة متعة سنتين فقط، وبالتالي تصير قيمة المتعة كالتالى 300 جنيه مضروبة فى 24 شهراً = ” 7200 جنيه ” (سبعة آلاف ومائتى جنيه مصرياً).
وبالقياس على ذلك إذا رأت المحكمة بإعمال سلطتها التقديرية أن تفرض للمطلقة متعة تقدر بثلاث سنوات أى ما يعادل 36 شهراً من نفقة الزوجية، فهنا تحتسب المتعة على أساس 36 شهراً فى 300 جنيه لتكون مبلغ “10600 جنيه” (عشرة آلاف وستمائة جنيه)، بالتالي فإذا كان قد سبق الحكم بنفقة زوجية أو عدة سابقة، فالقاضى ملزم باحتساب المتعة على أساس ما حكم به من قبل كنفقة زوجية ولا يكون للقاضي سلطة تقديرية فى ذلك الصدد بل إن سلطته التقديرية تقتصر فقط على المدة التي سيحكم بها للمطلقة كمتعة.
نص المتعة اشترط ألا تقل المتعة عن سنتين
ولما كان النص القانوني الخاص بالمتعة سالف الإيضاح – قد اشترط ألا تقل المتعة عن سنتين – لذا فالقاضي ينزل سٌلطته التقديرية بشرط إلا تقل المدة عن سنتين، بمعنى أنه يحكم بمتعة تقدر بسنتين، فلا يمكن قانونا أن تقل المدة عن ذلك، بل من الممكن أن تزيد فتكون ثلاث سنوات أو أكثر، وذلك وفقا لسلطة القاضي التقديرية تبعا لكل حالة وكل دعوى على حدة، وبالتالي فتظهر المشكلة بجلاء إذا كان المطلق معسراً – مثل الحالة التي نحن بصددها – ورغم ذلك فالقانون يفرض عليه بأن يؤدى متعة لمطلقته لا تقل عن نفقة سنتين على الأقل وفقا لما سبق إيضاًحه.
وهو ما يستوجب التدخل التشريعي بالتعديل في نص المادة فبدلا من أن يكون الحد الأدنى للمتعة سنتين يتعين أن تقل عن ذلك لتكون سنة واحدة فقط، وذلك كي يتماشى النص مع إعسار المطلق خاصة إذا كان مثقل بأعباء اجتماعية مثل الإنفاق على زوجة أخرى وأبناء، هذا ونص المادة الخاصة بالمتعة تجيز للمطلق المدعى عليه طلب تقسيط المتعة، لذا فإذا صدر حكم ضده بأداء متعة يجوز له أن يستأنف الحكم ويطلب في استئنافه تقسيط المتعة.
رأى دار الإفتاء في الأزمة
هذا وقد سبق لدار الإفتاء المصرية وأن تصدت لتلك الأإشكالية عبر صفحتها الرسمية على “فيس بوك” المقصود بنفقة المتعة للمرأة المطلقة في القرآن الكريم، مشيرة إلى أن المتعة هي ما يعطى للمطلقة بعد الدخول؛ جبرًا لخاطرها وعرفانًا للفضل الذي كان بينها وبين مطلقها، وهي مستفادة من عموم قوله تعالى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 241]، بشرطِ ألَّا يكون الطلاق برضاها أو بسبب من قِبَلها، وهي غير نفقة العدة.
وتابعت دار الإفتاء: “تُقَدَّرُ المُتعةُ بالاتفاق والتراضي، وإلا فيُقَدِّرها القاضي على أساسِ ما يَجبُ للمطلقة مِن نفقةِ زوجيةٍ أو نفقةِ عِدَّةٍ حسب حالِ المُطَلِّقِ عُسْرًا أو يُسْرًا، وذلك لِسَنَتَين كَحَدٍّ أدنى بِناءً على فترةِ الزوجيةِ، وظروفِ الطلاقِ، حسب ما يراه قاضي الموضوع مناسبًا للحالة المعروضة أمامه” – وكان أحد المواطنين وجه سؤالاً إلى الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية يسأل فيه عن حكم خطبة المرأة في عدتها وهى حامل، ومتى يحلُّ شرعًا عقد الزواج عليها؟
وووش
وجاء رد دار الإفتاء أنه من المقرر شرعًا لا يجوز للشخص أن يتزوَّج بزوجة غيره، ولا مُعْتَدَّتِه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: “لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ” رواه أبو داود فى “سننه”؛ لما فى ذلك من إهدارٍ لحق الغير، وإفضاءٍ إلى اختلاط الأنساب.
وفى حادثة السؤال: لا يجوز شرعًا خطبة المعتدة، ولا شبكتها ما دامت ولا تزال فى عدتها شرعًا، ونهى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من أن يخطبَ الإنسان على خطبة أخيه، فمن باب أولى لا يجوز الإقدام على خطبة المطلقة التى لا تزال في عدتها، لوجود الحمل كما ورد بالسؤال، فإذا ما وضعت حملها تكون قد خرجت من العدة، ويجوز لمَن يرغب فيها من الرجال أن يتقدَّم لخطبتها والعقد عليها، حيث لا مانع شرعًا من ذلك، وممَّا ذُكِر يُعْلَم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال.كيءف تحتسب