ئأصدرت الدائرة الثامنة أسرة ثان، بمحكمة شمال أسيوط الابتدائية، حكما فريدا من نوعه، يهم ملايين المخطوبين المتضررين حال فسخ الخطبة، برد شبكة الخطوبة للخاطب، وفى حال هلاكها إلزام المخطوبة برد المبلغ مع فرق قيمة الشبكة بسعر اليوم، وتنفيذ الالتزام بأداء قيمة المصاغها الذهبي (الشبكة) بسعر يوم التنفيذ الحاصل بتاريخ 12 يونيو 2023 تعويضا للمدعي عما أصابه من ضرر جراء استحالة التنفيذ العيني.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 1756 لسنة 2023 أسرة قسم ثان أسيوط، لصالح المحامى بالنقض محمد جلال السيوفي، برئاسة المستشار أحمد عوض، وعضوية المستشارين حسن الخياط، وعمرو قوره، وبحضور كل من وكيل النيابة على أبو ستيت، وأمانة سر عبدالناصر سيد.
الوقائع.. المخطوبة تفسخ الخطبة بالإرادة المنفردة
تتحصل وقائع الدعوي في أن المدعي أقامها بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة في 29 يوليو 2023، أعلنت قانونا للمدعى عليها، طلب في ختامها الحكم بإلزامها بأن تؤدي له فرق سعر المصوغات الذهبية ( الشبكة ) – وهي عبارة عن 56,52 جرام ذهب عيار 21 موضوع الحكم رقم 1387 لسنة 2022 م أسرة ثان اسيوط – بالسعر الحالي، مع الزامه بالمصروفات مقابل اتعاب المحاماة.
الخاطب يطالب بشبكته بعد فشل محاولات الصلح
على سند من القول أن المدعي قد تحصل على الحكم في الدعوى رقم 1387 لسنة 2022 أسرة ثان أسيوط القاضي منطوقه بالزام المدعى عليها بأن ترد للمدعي الشبكة المبينة بالفاتورة سند الدعوى البالغ مقدارها 56،52 جرام عيار 21، أو رد قيمتها المدون بفاتورة الشراء سند تلك الدعوى وهو مبلغ 58800 جنيه عند هلاكها، وقد تأييد ذلك الحكم استئنافا بالحكم رقم 283 لسنة 98 ق س ع أسيوط، ونفاذا لذلك الحكم قامت المدعى عليها برد قيمة تلك الشبكة كما هو مدون بفاتورة الشراء، وبمنطوق الحكم آنف الذكر وهو مبلغ 58800 جنيه بموجب انذار العرض المؤرخ في 12 يونيو 2023، ولما كان ذلك المبلغ لا يمثل القيمة الحقيقة للشبكة المقضى بردها في الحكم سالف الذكر حيث انه قيمة جرام الذهب قد تغيرت يوم عرض لها، وقد طالب المدعى عليها برد الفارق في سعر الشبكة فرفضت ، مما حدا به لإقامة الدعوى للقضاء بطلباته آنفة البيان، وقدم سندا لدعواه حافظة مستندات طويت علي صورة من الحكم رقم 1387 لسنة 2022.
المخطوبة ترد سعر الشبكة طبقا لفواتير الشراء بحجة هلاكها
وفى تلك الأثناء – تداولت الدعوي بالجلسات على النحو البين بمحاضرها وبها حضر المدعي والمدعى عليها كل بوكيل عنه (محام) ، وبجلسة المرافعة الختامية قدم وكيل المدعي حافظة مستندات طويت على صورة من صحيفة الانذار بعرض قيمة الشبكة موضوع الدعوى موجهه من المدعى عليها إلى المدعي بمبلغ 58800 جنيه وشهادة من الغرفة التجارية المصرية تفيد أن سعر جرام الذهب عيار 21 يوم 12 يونيو 2023 بمبلغ 2315 جنيها وقدم مذكرة طالعتها المحكمة، كما قدم وكيل المدعى عليها حافظة مستندات طويت على صورة من الحكم موضوع الدعوى وصورة من صحيفة الانذار بعرض قيمة الشبكة آنفي الذكر وشهادة تفيد أنه قضي في الدعوى الاستئنافية رقم 283/331 لسنة 98 ق س ع أسيوط بتأييد الحكم المستأنف موضوع الدعوى ودفع بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها بموجب الحكم موضوع الدعوى، هذا وقد ضم ملف التسوية، وأودعت النيابة العامة مذكرة بالرأي.
الخاطب يقيم دعوى برد قيمة الشبكة مع فارق سعر اليوم
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث أنه وعن موضوع الدعوى فإن المحكمة تمهد لقضائها بما هو مقرر بنص المادة الثالثة بإصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 على أنه ” تصدر الأحكام طبقاً لقوانين الأحوال الشخصية و الوقف المعمول بها، و يعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة ” فقد بين هذا النص في وضوح أن الحكم في المسائل الموضوعية في مسائل الأحوال الشخصية طبقا لقوانينها وكذلك في الوقف وأنه إذا لم يرد نص في هذه القوانين يحكم المسألة المعروضة يعمل بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة وقد بينت المادة الأولى من قانون الإصدار أن المقصود بتطبيق أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية وأحكام قانون وحيث اعتبر المشرع في القانون رقم 1 لسنة 2000 م الشبكة و ما في حكمها من هدايا الخطبة من مسائل الأحوال الشخصية، وأسند في المادة التاسعة منه الاختصاص بمنازعاتها إلى المحكمة الجزئية للأحوال الشخصية التي آلت اختصاصاتها واختصاصات المحكمة الابتدائية في مسائل الأحوال الشخصية إلى محكمة الأسرة عملا بالمادة 3 من القانون رقم 10 لسنة 2004م وكانت قوانين الأحوال الشخصية خلوا من نص ينظم رد الشبكة وهدايا الخطبة في حالة العدول، فيتعين الرجوع إلى أرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة وليس لأحكام رد الهيئات المنصوص عليها في القانون المدنى.
وحيث أن المقرر أن الخطبة ليست إلا تمهيدا لعقد الزواج و هذا الوعد بالزواج لا يقيد أحدا للزوج أن يسترد ما عجله من المهر لأنها لا تستحقه إلا بالعقد وكذلك له أن يسترد القائم من الهدايا من المتواعدين، فلكل منهما أن يعدل عنه في أي وقت شاء، فإذا عدل أحد الزوجين قبل العقد كان سواء كان العدول من المخطوبة أم المواقع و هذا هو مذهب أبي حنيفة و أصحابه بالإجماع، كان منه لأن تلك الهدايا هبه منه لها ما لم يوجد مانع من الموانع، وهذا هو مذهب أبى حنيفة وأصحابه بالإجماع.
ولما كان من المقرر بنص المادة 203 من القانون المدنى بالآتي:-
1- يجبر المدين بعد اعذاره طبقا للمادتين 220،219 على تنفيذ التزامه تنفيذا عينيا، متى كان ذلك ممكنا.
2-على أنه إذا كان في التنفيذ العينى إرهاق للمدين جاز له أن يقتصر على دفع تعويض نقدى إذا كان ذلك يلحق بالدائن ضررا جسيما .
كما نصت المادة 215 من القانون المدنى بالآتي : –
اذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينيا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأ عن سبب أجنبي لا بد له فيه، ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه، وقد قضت محكمة النقض مرارا وفقا لهذا المنطق بالآتي : –
“أن طلب التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض قسيمان يتقاسمان تنفيذ التزام المدين، ويتكافأن فوراً بحيث يجوز الجمع بينهما إذ أن تنفيذ الالتزام إما أن يكون تنفيذاً عينياً فيقوم المدين بأداء عين ما التزام به أو تنفيذاً عن طريق التعويض في حالة استحالة التنفيذ العيني أو إذا كان ينطوى على إرهاق للمدين وهو ما نصت عليه المادة 203 من القانون المدني، طبقا للطعن رقم 2971 لسنة 60 قضائية.
المحكمة تستجيب للخاطب
وهدياً بما تقدم – وكان المدعي قد أقام دعواه بغية القضاء بالزام المدعى عليها بأن تؤدي له قيمة فرق سعر الشبكة التي قدمها للمدعى عليها عند خطبتها، وكان البين للمحكمة من مطالعة أوراق الدعوى ومستنداتها أنه قد صدر الحكم في الدعوى رقم 1387 لسنة 2022 أسرة ثان أسيوط، والقاضى منطوقه بإلزام المدعى عليها بأن ترد للمدعي الشبكة المبينة بالفاتورة سند الدعوى البالغ مقدارها 56،52 جرام عيار 21 أو رد قيمتها وهو مبلغ 58800 جنيه عند هلاكها، كما كان البين من صحيفة إنذار العرض الموجهة من المدعى عليها الى المدعي والمرفق صورتها بالأوراق أن المدعى عليها قد قامت بدفع قيمة تلك الشبكة وفق ما جاء بفاتورة شرائها سند الدعوى ائقة البيان وليس بقيمتها وقت التنفيذ، الأمر الذي يكون معه التنفيذ العيني قد استحال واضحي من الواجب الانتقال إلى تنفيذ الالتزام بطريق التعويض، ومن ثم فان دعوى المدعي تكون قد أقيمت على سند صحيح من الواقع والقانون، وتجيبه المحكمة الى طلبه بالزام المدعى عليها بأداء قيمة المصاغها الذهبي (الشبكة) المبين بالحكم آنف الذكر بسعر يوم التنفيذ الحاصل بتاريخ 12 يونيو 2023 تعويضا للمدعي عما اصابه من ضرر جراء استحالة التنفيذ العيني.
ولما كان سعر جرام الذهب عيار 21 يوم التنفيذ وفقا لشهادة الغرفة التجارية المرفقة بالأوراق هو بمبلغ 2315 جنيه وكانت الشبكة موضوع الدعوى عبار 21 زنته 56,52 جراما، ومن ثم يكون سعر الشبكة يوم التنفيذ هو حاصل ضرب مبلغ 2315 جنيها في 56,52 جراما = 130,843 جنيه، ولما كان الثابت من صحيفة انذار العرض الفة البيان أن المدعى عليها قد دفعت مبلغ 58800 جنيه، ومن ثم يصبح المبلغ المستحق عليها على النحو التالي ( 130,843 – 58800 = 72,043) وهو ما تقضي به المحكمة على نحو ما سيرد بالمنطوق.
وعن دفع وكيل المدعى عليها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الحكم الصادر في الدعوى رقم 1387 لسنة 2022 أسرة ثان أسيوط، فلما كان من المقرر بنص المادة 101 من قانون الإثبات أن (الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون ان تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسببا وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها ).
ويشترط في الحق المدعى به لكي لا تكون للحكم حجية ثلاثة شروط هي:
1- وحدة الخصوم، والمقصود بالخصوم هو الخصوم الحقيقيون والعبرة في اتحاد الخصوم فيما يتعلق بقوة الشيء المحكوم فيه الخاص بالخصوم من حيث صفاتهم لا من حيث أشخاصهم .
2-وحدة الموضوع، ويلزم وفقا لذلك أن تكون المسالة المقضي فيها نهائيا مسالة أساسية تناقش فيها الطرفان في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرارا جامعا مانعا وأن تكون بذاتها الأساس فيما يدعيه أيا من الطرفين قبل الآخر في الدعوى الثانية من حقوق متفرعة أو مترتبة عليها.
3-وحدة السبب، ويقصد به المصدر القانوني للحق المدعى به وقد استقر قضاء النقض على أن قضاء الحكم ليس هو منطوقة وحدة إنما هو ذات القول الفصل في الدعوى أيا كان موضعه سواء في الأسباب أو في المنطوق.
وهديا بما تقدم – ولما كان البين للمحكمة من مطالعة ذلك الحكم والمقدم صورته بالأوراق، أن موضوع تلك الدعوى هو استرداد الشبكة المقدمة من المدعي الى المدعى عليها خلال فترة خطبتهما، وكان البين من ذلك الحكم أن المحكمة قد قضت برد تلك الشبكة أو قيمتها وفق ما جاء بفاتورة شرائها سند تلك الدعوى، ولم تفصل المحكمة في شأن التعويض عن عدم استحالة التنفيذ العيني للالتزام برد الشبكة، الأمر الذي تكون معه تلك الدعوى قد اختلفت في موضوعها عن موضوع الدعوى الراهنة والذي تعد في مضمونها تعويضا عن عدم تنفيذ الالتزام عينا، ومن ثم فقد اضحى دفع وكيل المدعى عليها قد جاء على غير سند صحيح من القانون، ولذا تلتفت عنه المحكمة .
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي مبلغ 72 ألف جنيه قيمة الفرق في سعر الشبكة المملوكة له بتاريخ التنفيذ والمدينة بفاتورة الشراء سند الدعوى رقم 1387 لسنة 2022 أسرة ثان أسيوط.