تفاصيل جديدة في قضية “فتاة الفيرمونت” والنقض يستخدم حيثيات جديدة،أودعت محكمة النقض حيثيات حكمها بتعديل عقوبة “أ. ز” المتهم باغتصاب فتاة في الساحل الشمالي مع متهمين آخرين هاربين، وهي الواقعة التي كشفت عنها التحقيقات في القضية المعروفة بـ”اغتصاب فتاة الفيرمونت” لارتباط بعض المتهمين والشهود في القضيتين.
وعدلت محكمة النقض العقوبة التي أصدرتها محكمة الجنايات ضد المتهم من السجن 15 سنة إلى السجن لمدة 7 سنوات فقط، رغم رفضها جميع أوجه الطعن التي تقدم بها الدفاع، حيث رأت النقض استخدام حق تقدير العقوبة، وهي سلطة كانت تختص بها محكمة الجنايات دون تعقيب عليها.
وردت محكمة النقض في حيثيات حكمها -التي حصلت عليها الشروق- على أوجه الطعن المقدمة من دفاع المتهم الطاعن، وتناولت الأسباب التي ساقتها محكمة أول درجة لإدانته ثم الأسباب التي دعتها لتعديل العقوبة الصادرة ضده.
– الإكراه والرضا في جريمة مواقعة الأنثى
وقالت النقض، إن الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن والمحكوم عليهما الآخرين عمدوا بطريق الخداع والمكر إلى مواقعة المجني عليها وهم يعلموا، ومن ثم لا يقبل منه القول بانتفاء القصد الجنائي لديه.
وأضافت النقض، أن القانون لا يشترط لتوافر ركن القوة في جريمة مواقعة الأنثى أن يستعمل الجاني الإكراه المادي مع المجني عليها بل يكفي أن يكون الفعل قد حصل بغير رضاء صحيح ممن وقع عليها كأن يكون بناء على خداع أو مكر أو مباغته أو استعمال الحيلة.
وأوضحت أن مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة المواقعة مسألة تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن، طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم.
وذكرت أنه إذ كان ما أثبته الحكم المطعون فيه – ورد به على دفاع الطاعن في هذا الشأن – من أن الطاعن إنما توصل إلى مواقعة المجني عليها بالخداع والمكر بأن دسوا لها مخدراً في المشروب المقدم لها فتمكنوا منها، فإن في ذلك ما يكفي لتوافر ركن القوة في جناية المواقعة.
قالت محكمة النقض، إنه لما كان الأصل – على ما جرى به قضاءها – أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها ومفهوم.
وأوضحت أن من يتناول مادة مخدرة أو مُسكرة مختاراً أو عن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها فالقانون في هذه الحالة يجرى عليه حكم المدرك التام الإدراك، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه في الجرائم ذات القصد العام.
وأكدت أنه لا محل للتسوية بين هذه الجرائم وتلك التي يتطلب القانون فيها قصداً جنائياً خاصاً ذلك لأن الشارع لا يكتفي في ثبوت هذا القصد بالأخذ باعتبارات وافتراضات قانونية بل يجب التحقق من قيامه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع.
وذكرت النقض أن الحكم المطعون فيه قد أثبت – وهو في معرض تحصيله لواقعة الدعوى – أن الطاعن تناول الخمر اختياراً، وهو ما لم يجادل فيه الطاعن بوجه الطعن، وكان القانون لا يستلزم قصداً خاصاً في جناية مواقعة أنثى بغير رضاها – التي دان الطاعن بها – اكتفاء بالقصد العام فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
– إقرار العقوبة الأشد
ذكرت المحكمة في الرد على دفع الطاعن بقصور حكم الجنايات فيما يتعلق بجريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها ما دامت أسبابه وافية، بأن الحكم لم يوقع على الطاعن سوى العقوبة المقررة لجريمة مواقعة أنثى بغير رضاها باعتبارها الجريمة الأشد، ولذا فلا جدوى مما يثيره الطاعن عن قصور الحكم فيما يتعلق بجريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها مادامت أسبابه وافية لا قصور فيها بالنسبة إلى جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها التي دانه بها.
– اتفاق على ارتكاب الجريمة
أكدت محكمة النقض أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوفره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة.
وأضافت أنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها.
وتابعت أن ما أورد الحكم في بيان واقعة الدعوى وما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعن والمحكوم عليهما الآخران على مواقعة المجني عليها بغير رضاها من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لمواقعة المجني عليها بغير رضاها.
ولذلك فإن ما انتهى إليه الحكم من ترتيب التضامن في المسئولية بينهم واعتبارهم فاعلين أصليين لجريمة مواقعة المجني عليها بغير رضاها طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يكون سديداً.
– اغتصاب أم هتك عرض
ردت المحكمة على ما دفع الطاعن بوجود منازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها جناية هتك عرض بالقوة وليست جناية مواقعة أنثى بغير رضاها.
وقالت النقض إن هذا القول لا محل له، لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب مادام قضاؤها في ذلك سليم- كما هو الحال في الدعوى المطروحة – هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يثر شيئا بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
أكدت المحكمة على أنه لا يعيب الحكم التفاته عن عدول المجني عليها عن الاتهام الموجه للطاعن في معرض نفي التهمة عنه.
وأوضحت أن هذا إذ لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من المجني عليها يتضمن عدولها عن اتهامه وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل، ولا تثريب عليها إن هي أطرحته ما دام أن الحكم قد أبدى عدم اطمئنانه إلى ما جاء به ولم يكن له تأثير في عقيدة المحكمة والنتيجة التي انتهت إليها.
وبعد استعراض أوجه الطعن التي تقدم بها الدفاع والرد عليها، قالت المحكمة إن القانون رقم 11 لسنة 2017 في شأن تعديل بعض أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد اختص محكمة النقض بنظر موضوع الدعوى إذا نقضت الحكم المطعون فيه.
وأوضحت أنه لما كان تقدير محكمة الموضوع (الجنايات) للعقوبة لا يعدو أن يكون خاتمة مطاف الموضوع ومحصلته النهائية، ومن ثم فإنه من غير المقبول عقلاً ومنطقاً أن يبقى تقدير العقوبة بمنأى عن رقابة محكمة النقض، بعد التعديل الذي سنّه المشرع بقانون حالات وإجراءات الطعن، والمعمول به في الأول من شهر مايو سنة 2017.
وأضافت أنه من ثَم بات متعيناً بسط رقابة محكمة النقض على تقدير محكمة الموضوع للعقوبة، دون الحاجة إلى نقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر موضوعه. وتأسيساً على ذلك قضت محكمة النقض -لما ارتأته من ظروف الطعن- بتعديل العقوبة المقضى بها على الطاعن بجعلها السجن المشدد لمدة 7 سنوات، ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
بتاريخ 9 نوفمبر 2021 قضت محكمة جنايات شمال القاهرة بالسجن المؤبد للمتهمين: “ش. ا” و”ي. ق” (هاربين) و15 سنة لـ”أ. ز” (محبوس) باغتصاب فتاة بالساحل الشمالي، والذين سبق اتهامهم في قضية فتاة الفيرمونت التي أمرت النيابة بحفظ التحقيق فيها.
وأسندت تحقيقات النيابة العامة للمتهمين الثلاثة في القضية رقم 570 لسنة 2021 شرق القاهرة، بمواقعة أنثى بغير رضاها في قرية سياحية بالساحل الشمالي في عام 2015، وهي الواقعة المكتشفة من خلال التحقيقات في قضية فتاة الفيرمونت لارتباط بعض المتهمين والشهود في القضيتين.
وذكرت التحقيقات أن المتهمين واقعوا المجني عليها بغير رضاها، وذلك بأن دسوا لها مخدرًا في شرابها قاصدين إعدام رؤيتها، وبعد تغيبها عن الوعي، حصروا عنها ملابسها وتناوبوا مواقعتها، والتقطوا لها صورا فى هذا الوضع المخل دون علمها، وقد ثبتت الواقعة بمشاهدة مقطع مرئي مصور للفتاة من قِبل المتهمين.
وأوردت التحقيقات شهادة المجني عليها التي تعمل فى مجال التمثيل، كاشفة عن تلقيها دعوة من صديقها المتهم “ش. ا” في صيف عام 2015 لقضاء عدة أيام معه في وحدة مصيفية بقرية مراسي بالساحل الشمال، موضحة أنها التقته رفقة كل من شقيقه “ع” والمتهم الثاني “ي. ق” وآخرين لا تعلمهم، ومكثت في الوحدة يومين.