متي يجوز الاعتذار بالجهل بأحكام القانون الجنائى؟ ونظراً لصرامة هذه القاعدة عمد القضاء إلى التخفيف من حدتها، فأجاز الاعتذار بالجهل متى انصب على قاعدة قانونية غير جنائية تدخل عنصرا في الجريمة، معتبرا ذلك جهل مختلط ما بين الواقع والقانون
يعد برمته جهل بالواقع ينفي القصد الجنائي متى اثبت المتهم أنه تقص وتحري أو لم يكن في مقدوره العلم ولقد أيد الفقه القضاء في ذلك نظرا لسلامة أساسه.
الفعل الجنائي المؤثم أحيانًا لا يكتسب صفته وتكييفه إلا بالرجوع أحيانًا إلى القانون المدني، وأحيانًا إلى الإداري، وأحينًا إلى قانون الأحوال الشخصية.
وأضاف أن الجريمة تكتسب تكييفها القانوني بوجوب العلم بالقواعد التي تحكم هذه الدائرة، فإذا جهل الجاني هذه القواعد التي مرجعها ربما إلى القانون المدني، وربما إلى قانون الإدارات، يعد جهلًا بالواقع ينتفي به القصد الجنائي.
الاستثناء من القاعدة
حالة القوة القاهرة التي تحول دون وصول الجريدة الرسمية إلى جزء من إقليم الدولة، كاحتلال الأجانب لمنطقة معينة أو حدوث زلزال أو فيضان ترتب عليه عزل أفراد منطقة معينة عن باقي أجزاء الوطن، يعد استثناءً وحيدًا من القاعدة التي تؤكد أنه لا يعذر أحد بجهله القانون.
وبالتالي يمكن للأفراد في مثل هذه الظروف أن يحتجوا بجهلهم القانون مع بذل الجهد الشديد لتوضيح أن دفعهم بهذا الدفع والدفاع مبنى على سند من الواقع يؤيده تأييدا لا تنال منه أوهن الشكوك.
والرأي الغالب في الفقه يذهب إلى أنه يجوز الاحتجاج بالجهل بالقانون وطلب الإعفاء من تطبيقه في حالة وحيدة وهي القوة القاهرة المشار
إليها، إذ لا شك في أن مقتضيات العدالة لا تقبل إلزام الأفراد بما ليس في مقدرتهم، وبما تحول بينهم وبين العلم به أسبابا لا قبل البشر بالسيطرة عليها.