استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق الفيتو 43 مرة لصالح إسرائيل، وهو حق النقض المطلق فى مجلس الأمن لأعضائه الدائمين (الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين) في حجب أي قرار.
وكلمة فيتو هى كلمة لاتينية تعنى “أنا أمتنع”، وقد استخدمت روسيا حق الفيتو فى مجلس الأمن وعطلت مشروع قرار يدين العمليات العسكرية لجيشها فى أوكرانيا واعتبرت أمريكا والغرب سلوكها الاعتراضي انتهاكاً للقانون الدولى وطالبت موسكو بسحب قواتها.
أمريكا أستخدمت حق الفيتو 79 مرة فى التاريخ وأول مرة استخدمته كان فى سنة 1970. هذا العدد من الاعتراضات الأمريكية يتضمن مرات أكبر لصالح الكيان الصهيونى ” 43 مرة” ضد فلسطين، أول مرة كان في 26 يوليو 1973 ، وأخر فيتو أمريكى ضد شرعية القضية الفلسطينية كان ضد “مشروع مصرى” يرفض إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس من تل أبيب.
هكذا عرقلت الولايات المتحدة المشروع المصرى القوى والمبنى على أسانيد قانونية وتاريخية صحيحة لمنع تنفيذ القرار الأمريكى الفج بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها من تل أبيب.
حتى دولة أوكرانيا التى كانت من المفترض أن استصدار القرار الأخير لصالحها والتى تصرخ وتنادى المجتمع الدولى وتحثه على التدخل لنجدتها وتتمسك بالقانون الدولى وتصرخ لغزو دولة مستقلة واستباحة أراضيها، هى ذاتها دولة أوكرانيا التى شاركت وأسهمت فى غزو دولة العراق المستقلة وشاركت قوات أجنبية إهدار دم رجاله وشبابه وأطفاله، كما ساهمت وشاركت فى الاستيلاء على ثروات الشعب العراقى.
أين كانت سيادة الدول وأين كانت مواد القانون الدولى وقتئذ؟ أم أن تفعيل مواد القانون الدولي “بربارياً” بمعنى أن يفعل إذا كانت الدولة المعتدى عليها دولة أوروبية مثل أوكرانيا وتهدر القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان إذا ما كانت الدولة عربية مثل العراق وفلسطين؟.
لسنا ضد أحد ولا مع أحد ولكنها قراءة للمشهد ومفارقات فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية ومدى التباين بين الاستنكار للحرب والفيتو الروسى، وبين الفيتو التى استخدمته الولايات المتحدة الأمريكية مراراً لحماية دولة إسرائيل ووقف قرارات فى صالح العرب وقضية فلسطين العادلة، وأيضاً له وجه أخر لدولة تصرخ على الأمم المتحدة وتنادى بتطبيق القانون الدولى وسيادة الدول المستقلة على أراضيها وهى التى ساهمت فى غزو العراق وتقسيمه وقتل أبنائه ونهب ثرواته وتوزيع غنائمه، والآن تتجرع أيضاً من نفس الكأس.
هو درس تاريخي جديد، أن الأيام دول .. والدول دول.
*الكاتب محام بالنقض وخبير قانون دولي