النقض تحذر من التوقيع على بياض،أصدرت الدائرة المدنية (ب) – بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه، يهم ملايين المتعاملين بالتوقيع، ويرسى 3 مبادئ قضائية ويحذر من خطورة التوقيع على بياض، قالت فيه: “1- إنشاء مُحرر كاذب فوق توقيعٍ صحيحٍ، يُعد تزويرًا.
2- ويترتب على ذلك نفي صُدور المُحرر المُصطنع أو البيانات الكاذبة المُدَوَّنة فيه ممَّن نُسب إليه.
3- وإن كان التوقيع على بياض هو توقيع صحيح، من شأنه أن يُكسب البيانات التي ستكتب بعد ذلك فوق هذا التوقيع حجية الورقة العرفية، المُستمدة من التوقيع لا من الكتابة، إلا أن شرط ذلك أن يكون المُوقِع قد قصد أن يرتبط بالبيانات التي سترد في الورقة.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 13887 لسنة 90 قضائية، لصالح المحامى بالنقض يحيى سعد، برئاسة المستشار محمد خليفة البري، وعضوية المستشارين أحمد جلال عبد العظيم، ورضا كرم الدين وإسماعيل حسن يحيى، وبحضور كل من رئيس النيابة أحمد غانم، وأمانة سر عبد الفضيل صالح.
إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن – وبعد رفض طلبه باستصدار أمر أداء – أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 8 لسنة 2018 مدني محكمة أسيوط الابتدائية مأمورية صدفا، للحكم بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ 850000 جنيه، على سند من أنه يداينه بهذا المبلغ بموجب إيصال أمانة، وإذ امتنع عن الوفاء به رغم التنبيه عليه بالسداد، فقد أقام الدعوى، ثم أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، ثم ندبت قسم أبحاث التزييف والتزوير المختص خبيرا في الدعوى.
وفى تلك الأثناء – وبعد أن أودع تقريره حكمت بالإلزام بحكم استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 1038 لسنة 94 قضائية أسيوط، وفيه قضت المحكمة برد وبطلان الإيصال، وحددت جلسة لنظر الموضوع ثم حكمت – من بعد – بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض الدعوى على سند من عدم تعاصر التوقيع المنسوب للمطعون ضده على إيصال الأمانة مع صلب هذا الإيصال أخذا بتقرير الخبير المندوب، دون أن يبين كيفية وصول توقيع المطعون ضده على ذلك الإيصال إليه، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
الدائن يطعن على الحكم أمام محكمة النقض
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان التوقيع على بياض هو توقيع صحيح، من شأنه أن يكسب البيانات التي ستكتب بعد ذلك فوق هذا التوقيع حجية الورقة العرفية، المستمدة من التوقيع لا من الكتابة، إلا أن شرط ذلك أن يكون الموقع قد قصد أن يرتبط بالبيانات التي سترد في الورقة، وأن يُسلمها اختيارا، فإذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري، فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويرا، يجوز إثباته بطرق الإثبات كافة.
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم
وبحسب “المحكمة” كما أنه من المقرر أن إنشاء محرر كاذب فوق توقيع صحيح أو تغيير البيانات التي انصب عليها يتساوى في أثره مع عدم صحة التوقيع ذاته، ففي الحالتين يُعد تزويرا، يترتب على ثبوته نفي صدور المحرر المصطنع أو البيانات الكاذبة المدونة فيه ممن نسب إليه، لأن التوقيع على الورقة في هذه الحالة لا ينفصل عن صلبها وبياناتها، ولا يحتملان غير حل واحد؛ إذ إن المحرر يستمد حجيته في الإثبات من ارتباط التوقيع بما ورد بطلب المحرر ومن بيانات تتصل به وتتعلق بالعمل القانوني موضوع المحرر، وكان من المقرر أيضًا أنه على محكمة الموضوع التحقق من استيفاء الشروط والاعتبارات المتفق عليها بين الدائن والمدين، فإذا تبين أن المحرر إنَّما سلم للأخير لحين استيفاء أمور بذاتها وتحقق شروط معينة.
النقض تضع ضوابط “التوقيع” على المحرر
وتابعت: فإن حجية السند تقف إلى حين تحقق ذلك أو تسليم الورقة المثبتة للدين إلى الدائن باختيار المدين، فإذا تحققت هذه الشروط وتم تسليم الورقة إلى الدائن اختيارا، استردت الورقة حجيتها في الإثبات، أما إذا لم تتحقق هذه الشروط والاعتبارات المتفق عليها، وتمكن الدائن من الحصول على الورقة دون إرادة المدين أو موافقته، انتفت عنها الحجية، ولم يكن من الجائز الاحتجاج بها على من وقعها، وأن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة، بناءً على تلك العناصر التي ثبتت لديها، بأن كانت الأدلة التي قام عليها الحكم ليس من شأنها أن تؤدي عقلا إلى ما انتهى إليه أو استخلص من الأوراق واقعة لا تنتجها.
النقض: إنشاء مُحرر كاذب فوق توقيع صحيح يُعد تزويرًا
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص مما اطمأن إليه من سائر أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير إلى أن توقيع المطعون ضده الصحيح علي إيصال الأمانة لم يكن معاصرًا لبيانات صلبه التي جاءت في تاريخ لاحق ولم تصدر عن يده وقضى برد و بطلان بيانات صلب ذلك الإيصال ورتب علي ذلك قضاءه برفض إلزام المطعون ضده بالمبلغ المطالب به، وإذ كان هذا الذي ذهب إليه الحكم لا يدل بذاته على أن المطعون ضده لم يقصد الارتباط بالبيانات التي كتبت على ذلك الإيصال ، وأنه قبض المبلغ المدون به، ولا يدل على عدم صحة وجدية سبب الالتزام، ولا يصلح دليلا على نفيه ودون أن يبين كيفية وصول هذا التوقيع الصحيح إلى الإيصال وعما إذا كان قد تم بإرادة المطعون ضده أم اختلس منه، بما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، بما يوجب نقضه لهذا السبب، دون حاجة لبحث باقي اسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف أسيوط، وألزمت المطعون ضده المصاريف، ومبلغ ” مائتي ” جنيه مقابل أتعاب المحاماة.