الأحدث
الاستئناف تلغي حكم طلاق زوجة بسبب تضارب أقوال الشهود وتضع ضوابط للضرب

الاستئناف تلغي حكم طلاق زوجة بسبب تضارب أقوال الشهود وتضع ضوابط للضرب

أصدرت الدائرة “16” بمحكمة الأسرة – محكمة استئناف أسيوط – حكما فريدا من نوعه، بإلغاء حكم أول درجة بتطليق الزوجة طلقة بائنة للضرر بعد الإطمئنان لشهادة الشهود بتعدى زوجها عليها بالضرب والإهانة وهجرها لمدة تزيد عن عام ونصف، والقضاء مجددا برفض الدعوى، لعدم اطمئنان محكمة الدرجة الثانية لشهادة الشهود عكس ما حدث في محكمة الدرجة الأولى.

ملحوظة:

السؤال الذى يطرح نفسه هنا هل يجوز للقاضي أنه لم يطمئن لشهادة الشهود رغم اطمئنان المحكمه لها من قبل، بمعنى أدق قاضى اطمئن وأخر لم يطمئن فما هو معيار الاطمئنان هنا؟ ويرى العديد من القانونين أن محكمة الدرجة الثانية استخدمت حقها فى تقدير أقوال الشهود، وهو ما أيدته العديد من أحكام محكمة النقض، فضلا عن استدلال المحكمة بأقوال الفقهاء فى الزجر والتعزير، وبغض النظر عن أن المذاهب الأربعة متفقة في هذه المسألة، إلا أن يكفى القاضي الأخذ بأرجح الأقوال فالمذهب الحنفي.

صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 1434 لسنة 99 قضائية، برئاسة المستشار شاكر محمد سليمان، وعضوية المستشارين بهاء الدين فؤاد الدهشان، ومحمد فتحي الصباغ، وبحضور كل من وكيل النيابة أحمد عصام، وأمين السر أحمد فرج محمد.

الوقائع.. زوجة تقيم ضد زوجها دعوى طلاق للضرر

تتحصل واقعات الدعوى و مستنداتها و دفاع الخصوم فيما سبق وأن أحاط بها الحكم المستأنف في الدعوى رقم 2627 لسنة 2023 أسرة ثان أسيوط والمصادر بجلسة 30 يناير 2024 وربطا لأوصال مراحلها نوجزها في أن المدعية أقامتها بطلب الحكم بتطليقها على المدعى عليه طلقة بائنة للضرر والهجر وإلزامه بالمصاريف و الأتعاب، وأمره بعدم التعرض.

وذلك على سند من القول أن المدعية زوجة للمدعى عليه بصحيح العقد الشرعي، وقد نشبت خلافات فيما بينهما وأن المدعى عليه غير أمين عليها نفسا ومالا، حيث أنه دائم التعدي عليها بالسب و الضرب و يسئ معاملتها، وقام بالإستيلاء على منقولاتها الزوجية وطردها من مسكن الزوجية وهجر مسكن الزوجية، وأنه لا يمكن مداومة العشرة فيما بينهما من جراء ما ألم بها من أضرار، وهو الأمر الذي حدا بها إلى إقامة دعواه الماثلة بقية الحكم له بالطلبات سالفة الذكر، وقدمت سندا لدعواها صورة ضوئية من وثيقة زواجها بالمدعى عليه.

الزوجة تستند في دعواها على ضربها واهانتها وهجرها

وفى تلك الأثناء – تداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها مثلت خلالها المدعية بشخصها ومعها وكيل، كما مثل المدعى عليه بوكيل عنه، والمحكمة عرضت عليهما الصلح، إلا أنها لم تتوصل لذلك، وبجلسة 5 ديسمبر 2023 قضت المحكمة بإحالة الدعوى للحقيق لتثبت المدعية أن المدعى عليه ألحق بها أضرارا لا يستطاع دوام العشرة بينهما، ونفاذا لذلك الحكم استمعت المحكمة لشاهدي المدعية “أحمد. أ” بأن المدعى عليه يقوم بالتعدي على المدعية بالضرب والإهانة، كما أنه قام بهجرها منذ شهر فبراير 2023، وأنه علم ذلك من خلال تدخله للصلح بينهما، وإقرار المدعى عليه أمامه بذلك، وأن دوام العشرة صار مستحيلا، كما شهد كل من “سامية. ي” و”شيماء. أ”، بأن المدعى عليه يقوم بالتعدي على المدعية بالضرب والإهانة وأنهما شاهد وعاينا ذلك التعدي الواقع من المدعى عليه على المدعية.
محكمة أول درجة تستجيب للزوجة بناء على شهادة الشهود

وأضافت الأخيرة أن المدعى عليه هجر المدعية من شهر يناير 2023 بينما قررت الأولى أنها لم تشاهد المدعى عليه مدة عام ونصف بمسكن الزوجية، كما استمعت المحكمة لشاهدي المدعى عليه، فشهدا بعدم مشاهدتهما المدعى عليه يقوم بالتعدى على المدعية، وقررت المحكمة إنهاء حكم التحقيق وإعادة الدعوى للمرافعة، وأودع الخبيرين النفسى والإجتماعى تقريرهما وبذل الجهد في محاولة الصلح بين الزوجين دون جدوى، وتم ضم ملف التسوية، وقدمت النيابة العامة مذكرة بالرأى، وبجلسة المرافعة الأخيرة قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم.

وبجلسة 30 يناير 2024 قضت محكمة أول درجة بتطليق المدعية على المدعى عليه طلقة بائنة للضرر وألزمت المدعى عليه المصاريف، ومبلغ 75 جنيها مقابل أتعاب المحاماة، تأسيسا على استخلاص المحكمة إضرار المدعى عليه المدعية لما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما.
الزوج يستأنف الحكم لإلغائه

وحيث أن ذلك القضاء لم يلق قبولا لدى المدعى عليه، فطعن عليه بالاستئناف الماثل بموجب صحيفة قيدت برقمها الماثل، وأودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 7 مارس 2024 وأعلنت قانونا طلب في ختامها الحكم أولا: بقبول الاستئناف شكلا، وثانيا: وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المستأنف ضدها بالمصاريف والأتعاب عن درجتى التقاضى لأسباب حاصلها: 1-الخطأ في تطبيق القانون، 2-الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.

وتداول نظر الإستئناف بالجلسات على النحو الثابت بمحاضره مثل خلالها الطرفين كل بوكيل، والمحكمة عرضت الصلح عليهما فرفضاه، والنيابة فوضت الرأي للمحكمة، وبجلسة المرافعة الأخيرة قررت المحكمة حجز الإستئناف للحكم، وحيث أنه عن شكل الإستئناف، فقد أقيم في الميعاد و إستوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا ومن ثم تقضى المحكمة بقبوله شكلا.
“الاستئناف” تؤكد: ضرب الزوجة لا يجيز لها طلب التفريق

المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الإستئناف: وكان من المستقر عليه أنه يترتب على رفع الإستئناف نقل موضوع النزاع في حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية، وذلك لنظره ليس على أساس ما كان قد قدم فيه من أدلة و أوجه دفاع ودفوع أمام محكمة أول درجة فحسب بل أيضا على أساس ما يطرح منها عليها، ويكون قد فات الطرفين إبداؤه أمام تلك المحكمة.

وبحسب “المحكمة”: وحيث أنه لما كان ذلك وهديا بما تقدم وكانت المستأنف ضدها قد أقامت دعواها المبتدأة بغية الحكم لها بتطليقها على المدعى عليه طلقة بائنة للضرر والهجر وعدم التعرض لها في أمور الزوجية، فإذا كانت الزوجة تتضرر من عرة زوجها بأن أذاها بالقول أو بالفعل كضربها أو سبها أو هجرها أو أكرهها على فعل محرم شرعا يغضب الله، فقد ذهب الحنفية والشافعية وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه إلى أنه ليس للزوجة طلب التفريق، لأن الحياة الزوجية لا تخلو من ذلك في الغالب الأعم، وما عليها فعله من القاضي أن تطلب من القاضي زجره ليمتنع عن إيداءها إن كان، وعلى القاضي أن يأمره بحسن معاملتها وعشرتها وأن ينهاه عن فعل الإيذاء، فإن لم يرتدع وعاد مسيئا إليها عزره القاضي بما يراه رادعا له، ولكنه لا يحبس إذا كانت الشكوى من شيء لا يمكن تداركه وغير مألوف وغير محتمل، فإن إشتد النزاع وخيف وقوع الشقاق فيما بينهما بعث القاضي وجوبا حكما ليقومهما على الإصلاح بينهما.

محكمة الدرجة الثانية تؤكد عدم اطمئنانها لشهادة الشهود

ووفقا لـ”المحكمة”: ولما كانت محكمة أول درجة قد أصدرت حكمها المستأنف بتطليق المستأنف ضدها على المستأنف طلقة بائنة للضرر، تأسيسا على إطمئنانها في سبيل إثبات الضرر على شهادة الشهود، ولما كانت هذه المحكمة لا تطمئن لأقوال الشهود ولا يمكن في سبيل إقامة قضاءها أن تعول على تلك الشهادة، الأمر الذي تكون منه المستأنف ضدها قد أقامت دعواها المستأنف حكمها على غير سند من الواقع و القانون، ولما كانت محكمة أول درجة قد خالفت ذلك النظر و قضت بتطليق المستأنف ضدها على المستأنف طلقة بائنة للضرر بما يكون قد جانبها الصواب و تقضي المحكمة و الحال كذلك بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى على النحو الذي سيرد بالمنطوق.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة:

أولا: بقبول الإستئناف شكلا.

ثانيا: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الدعوى، وألزمت المستأنف ضدها بالمصاريف و مبلغ مائة و خمسة وسبعين جنيه مقابل أتعاب محاماة.
رأى محكمة النقض في الأزمة

وفى هذا الشأن – يقول المحامى بالنقض شيبة الحمد العيلى – أن محكمة الدرجة الثانية استخدمت حقها فى تقدير أقوال الشهود، وهو ما أيدته العديد من أحكام محكمة النقض، فضلا عن استدلال المحكمة بأقوال الفقهاء فى الزجر والتعزير، وبغض النظر عن أن المذاهب الأربعة متفقة في هذه المسألة، إلا أن يكفى القاضي الأخذ بأرجح الأقوال فالمذهب الحنفي، ومثل هذه الأراء من شأنها إنقاذ الأسرة المصرية من التمزق، فهو من شأنه عمار البيوت وإصلاح ذات البين ولو بحكم قضائي ثوابه عظيم.

وبحسب “العيلى” في تصريح لـ”برلماني”: فقد سبق لمحكمة النقض المصرية وأن أصدرت حكما هاما عام 1965 وسطرته موسوعة الأحكام الهامة للمحكمة في “كتابها الماسي” والذي صدر احتفالا بمرور 75 عامًا على إنشاء محكمة النقض ليؤرخ أبرز وأهم المبادئ القانونية التي أقرتها محكمة النقض- أعلي المحاكم المصرية، جاء أهمها ليتصدى للأشكالية المعروضة علينا حاليا في حكم نص في حيثياته: “للزوج تأديب زوجته تأديبا خفيفاً على كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر، وليس له أن يضربها ضربا فاحشا ولو بحق. حد الضرب الفاحش هو الذي يؤثر في الجسم ويغير لون الجلد”.

ووفقا لـ”العيلى”: الحكم الذي صدر برئاسة المستشار توفيق الخشن نائب رئيس محكمة النقض ورئيس الدائرة بعضوية المستشارين حسين السركي وجمال المرصفاوي ومحمد نور الدين عويس ونصر الدين عزام، قضي برفض طعن زوج ضرب زوجته ضربًا مبرحًا حتي لفظت أنفاسها، وعوقب من محكمة الجنايات بالسجن لمدة 7 سنوات بتهمة “ضرب أفضي إلى موت”، فأقام الطعن أمام محكمة النقض طالبا إلغاء سجنه.

وتابع الخبير القانوني: قالت المحكمة في حكمها إنه وإن كان أبيح للزوج أن يؤدب زوجته “تأديبا خفيفا، إلا أنه لا يجوز له أصلا أن يضربها ضربا فاحشاً” وأن ما أثاره المتهم في دفوعه بخصوص حقه الشرعي في تأديب زوجته -المجني عليها- فإن هذا الإعتداء الشديد الذي وقع عليها منه ونشبت عنه تلك الإصابات العديدة لا يدخل تحت بند التأديب البسيط المقرر للزوج على زوجته وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء، وبالتالي فلا يعد إستعمالا من المتهم لحق مقرر، ولما كان إعتداؤه على المجني عليها إعتداءاً بلغ من الجسامة أنه أودي بحياتها، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً وتأييد حكم محكمة الجنايات بإدانته.

يشار إلى أن هناك عدة أسباب للطلاق للضرر أجازها المشرع أبرزها الطلاق لتعدى الزوج بالضرب إذا كان الزوج دائم الاعتداء بالضرب على الزوجة، وحدث هذا الاعتداء أمام شهود يكون من حق الزوجة طلب الطلاق للضرر لتعدى الزوج بالضرب، والطلاق لهجر الزوجة إذا قام الزوج بهجر الزوجة مدة أكثر من 6 أشهر، يكون من حق الزوجة طلب الطلاق للهجر ويتم إثبات ذلك عن طريق الشهود .