مقتل شاب على يد بلطجي بحدائق القبة،كأنه يأبى أن يرحل عن الدنيا قبل ترك سيرة طيبة ومواقف لا تُنسى تُبقى اسمه في ملف «جدعان حدائق القبة»، مد «محمد» يد العون لـ«عجوز»، ودفعه بكرسى متحرك، وبعدها دفع حياته ثمنًا لمناصرته شابًّا كان يحاول تخليصه من يد مسجّل خطر.
نهاية «محمد» كانت بطعنة نافذة في الصدر وذبح بالرقبة على يد «بلطجى» قال له: «محدش بيقف قصادى»، صاح بها أثناء تسديده الطعنتين المتتاليتين لضحيته على مرأى ومسمع من الناس الذين خافوا التدخل «محدش بيقدر يتكلم مع (حسن)»، وفقًا لـ«عمر»، شقيق المجنى عليه، فإن المتهم لديه سوابق تعدٍّ على الأهالى، وقبل فترة طعن شخصًا في رئته، وحتى الآن يرقد المجنى عليه بين الحياة والموت.
على ناصية شارع الترعة في حدائق القبة بالقاهرة، تقابل «محمد»، حاصل على بكالوريس التجارة، مع صديقه «على»، يوم إجازتهما من خدمة التجنيد، وما إن رأى الأول «عجوزًا» على كرسى متحرك يطلب عبور الطريق حتى تحرك تجاهه لتوصيله إلى وجهته، مع دعوات المُسِنّ بـ«روح يا ابنى ربنا يكفيك شر ولاد الحرام».
«(محمد) شهم وخدوم مع الناس كلها»، يقول شقيقه «عمر»، مدرس: «أخويا بيساعد أي حد، ولا يتردد في ذلك، حتى لو هييجى على نفسه ومصلحته ويعرّض نفسه للخطر، وهو ما حدث حين انتهى من توصيل (العجوز)، إذ شاهد شابًا يُهان على يد الجار (حسن)، الذي يفرض سيطرته على المنطقة، ولما خلّصه من إيديه وهو يقول له: (إحنا في أيام مفترجة)، فما كان من جارنا إلا أن ضرب أخى، دون أن يلتفت إلى كلامه».
بسكينتين ضرب «حسن» الشاب «محمد» في صدره، وذبحه من رقبته، قائلًا: «عشان تدَّخَل كويس قوى»، هكذا ردد بصوت جهورى، أفزع الأهالى الذين انسحبوا من حوله، إذ كان الجانى يلوح بالسلاح الأبيض، ويطرق بالأول على الثانى: «مين يقف قصادى؟!». شقيق المجنى عليه يروى: «أخويا وقع مات في ساعتها».
تفاصيل أخرى يحكيها «على»، صديق المجنى عليه: «لم أصدق ما شاهدته أمامى، وغرق صاحبى في بركة دماء لفعله الخير مع شخص لا تربطه به صلة من قريب أو بعيد، وبعد تعدى المتهم عليه، افتكرته لسه عايش، شيلته على المستشفى داخل (توك توك)، والأطباء هناك أكدوا لى الوفاة».
اتصل صديق «محمد» بأفراد أسرة المجنى عليه يخبرهم: «تعالوا دلوقتى أخوكم متعور جامد في حادثة»، هكذا أخفى عنهم المصيبة: «لما جينا شفناه على التروللى مبتسم وبيضحك وزى القمر»، وتدمع عين «عمر»، شقيق الضحية، وهو يكشف مشهد نهاية أخيه.
أخفى «عمر» عن أمه، ناظرة مدرسة على المعاش، حقيقة مقتل ابنها، وقال لها: «فى عربية دهسته قضاء وقدر»، وحسب كلامه: «لو عرفت ممكن تموت فيها، والدى تُوفى من 18 سنة، ووالدتى ربتنى مع إخواتى الاتنين لحد ما كبرنا وبقينا شباب، وهى غير مستعدة تُفجع فينا، وتعرف إن واحد فينا مات مقتول».
أخونا سابنا ومشى
وفى العزاء، لم يخبر أحد الأم بالتفاصيل، وهى لم تكف عن كلماتها الحزينة: «كده تسيبنى وتمشى»، وراحت تذكر أحلامه عن «هشتغل في بنك، وهخطب حبيبتى قريب».
كان «عمر» يحتضن أخاه «أحمد»، المحامى، ويجهشان بالبكاء: «أخونا سابنا ومشى وراح للى خلقه»، فكلاهما كان في عمله وقت الحادث، وعادا على وقع الصدمة، إذ تلقيا مكالمة من صديق أخيهما، ولم يتوقعا مقتله: «نطالب بمحاكمة عاجلة للمتهم وحكم رادع».
الأهالى علقوا على الحادث بأن «(محمد) وعائلته محترمون، وأنه لا يستحق نهايته القاسية، بينما المتهم الكل يكرهونه ويكرهون وقوفه دائمًا على النواصى بالسكينتين».
قوة أمنية انتقلت إلى مكان الواقعة، فور تلقيها بلاغًا من المستشفى بوصول شاب قتيلًا، ووجود شبهة جنائية، وضبطت المتهم، الذي تبين أن لديه 4 سوابق تعدٍّ على أشخاص، وفرض سيطرة، وتحفظت على كاميرات المراقبة.