أصدر المكتب الفني للنائب العام اليوم دليلًا إرشاديًّا لأعضاء النيابة العامة على مستوى الجمهورية، بشأن بيان إجراءات التحقيقات المالية الموازية وآلياتها للارتقاء بالمستوى الفني لتحقيقات النيابة العامة والأدلة المتحصلة منها، خاصة تلك المتعلقة بالجوانب المالية للأنشطة الإجرامية، ولتتبع الأموال المتحصلة من تلك الأنشطة وضبطها، تمهيدًا لمصادرتها قضائيًّا.
وقد جاء هذا الدليل الإرشادي في ضوء الكتاب الدوري الصادر من النائب العام رقم (٣) لسنة ٢٠٢٢م، بشأن التحقيقات المالية الموازية إعمالًا لنصوص القانون رقم (٨٠) لسنة ٢٠٠٢م بشأن مكافحة غسل الأموال، الموجبة على جهات إنفاذ القانون وسلطات التحقيقات اتخاذ إجراء التحقيقات المالية الموازية في قضايا غسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها وجرائم تمويل الإرهاب، لتحديد مصادر هذه الأموال والأصول.
وتطبيقًا لهذه الإجراءات التي تم التوجيه بها اتخذت النيابة العامة إجراءات التحقيق المالي الموازي في صورة منسوخة من واقعة أمرت بإحالة اثنين متهميْنِ فيها إلى المحاكمة الجنائية؛ لمعاقبتهما على حيازتهما وإحرازهما -بقصد الاتجار- جوهرَي الهيروين والحشيش المخدِّر في غير الأحوال المصرَّح بها قانونًا، وحيازة أحدهما سلاحًا ناريًّا غير مششخن (فرد خرطوش)، وذخائر مما تستعمل عليه؛ حيث أسفرت تلك الإجراءات عن إقامة أدلة مختلفة في حق المتهم، وأبانت شبهة ارتكابهما جريمة غسل الأموال.
إذ كانت النيابة العامة قد تلقت محضرًا من الشرطة بضبط المتهمين بعدما ظهر سلاحٌ ناريٌّ من طيّات ملابس أحدهما أوجب استيقافهما وضبطهما وتفتيشهما، حيث أسفر التفتيش عن ضبط السلاح الناري -فرد خرطوش- وذخائر مما تستعمل عليه، وعدد من اللفافات التي تحتوي على جوهر الهيروين المخدِّر في حوزة المتهمين، وتوصلت التحريات المالية إلى أنهما يباشران نشاط الاتجار في الموادِّ المخدِّرة من فترة زمنية سابقة على الضبط، وقد تحصلا منه على العديد من المبالغ المالية.
وقد شرعت النيابة العامة في تحقيقاتها والتي توصلَّت خلالَها -من فحص هاتفي المتهميْنِ- إلى ضبط العديد من الصور الفوتوغرافية لأسلحة نارية، ومقطع مرئي لعرض لفافة من لفافات جوهر الحشيش المخدِّر، ومحادثات تُوري عن نشاط الاتجار في المخدرات بين المتهمين، وصور أخرى لتحويلات بريدية بمبالغ مالية في هاتف أحدهما.
وفي سبيل اتخاذ النيابةِ العامة إجراءات التحقيقات المالية الموازية في الواقعة -لتحديد متحصلات الجريمة، وتعقبها، وضبطها، وتحديد مصدر هذه الأموال والأصول، واستظهار أنماط غسل الأموال بها- فقد ندبت الإدارةَ العامَّةَ للمساعدات الفنية بوزارة الداخلية؛ لفحص ما يحويه هاتفا المتهميْنِ من أدلة رقْميَّة على نشاطهما الإجرامي في الاتجار بالمواد المخدرة، ورصد متحصلاتها، كما اتخذت إجراءات منعهما من التصرف في أموالهما، وإدراج اسميهما في قوائم المنع من السفر وترقّب الوصول، وكذا طلبت نيابةُ وسط القاهرة المختصة من نيابة الشئون الاقتصادية وغسل الأموال بمكتب النائب العام اتخاذَ إجراءات مخاطبة وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لطلب تحرياتها المالية حول المتهمين.
كما طلبت النيابةُ العامةُ تحريات الإدارة العامة لمكافحة الأموال العامة حول الجوانب المالية المتعلقة بنشاط المتهميْنِ، والأفعال التي بدرت منهما بشأن تلك المتحصلات، ومدى انطوائها على أنماط غسل الأموال، والتي جاءت بتكوين المتهمين تشكيلًا عصابيًّا للاتجار في المواد المخدِّرة (الهيروين والحشيش)، وترويجها بمناطق مختلفة في القاهرة، وتحصلهما من ذلك على ثروة مالية كبيرة، تمكنهما من غسل أموالها؛ لإخفاء وتمويه طبيعتها بشراء وحدة سكنية وسيارات وتأسيس شركة عقارية، وإخفاء مبالغ مالية وإيداعها ببعض دفاتر التوفير وبعض الحسابات البنكية.
وعليه اتخذت النيابةُ العامَّةُ إجراءات الكشف عن سرية حسابات المتهمين وزوجَيْهما وأبنائهما القصر، وشكَّلت لجنة من البنك المركزي المصري لفحص تلك الحسابات، واتخذت قراراتها بضبط وتعقب متحصلات نشاطهما الإجرامي التي توصلت إليها التحقيقات، وجارٍ استكمالها.